المسبح والهواء يوجدان في نفس درجة الحرارة، لكن عندما نقفز في المسبح نشعر بأنه أبرد من الهواء ! ما السبب في ذلك؟

رغم أن الهواء وماء المسبح لهما نفس درجة الحرارة، على سبيل المثال 25 درجة مئوية، فإننا عندما نقفز من الهواء إلى المسبح نشعر وكأن الماء أشد برودة من الهواء، ثم بعد لحظات يتكيَّف الجسم مع الوسط المائي، وماهي إلا لحظات قليلة حتى نفقد الشعور بالبرودة ويصبح الإحساس بالماء دافئا.

  • مبدأ التوازن الحراري في التيرموديناميك

حسب المبدأ صفر للتيرموديناميك فإن أي جسم ساخن تمَّ وضعه في مكان أبرد منه، سوف يستمر في فقدان الطاقة الحرارية حتى اللحظة التي يحصل فيها التوازن الحراري بين الجسمين، أي أن فقدان الحرارة لن يتوقف إلا في اللحظة التي تصبح فيها درجة حرارة الوسط الخارجي تساوي درجة حرارة الجسم، والتي تقدر تقريباً ب 37 درجة سيلسيوس، في الحالة التي تكون درجة حرارة الوسط الخارجي أقل من درجة حرارة الجسم، فإن الجسم يستمر في فقدان الحرارة، مما يستوجب على النظام البيولوجي الخاص بالجسم أن يستمر في تزويد الجسم بالحرارة اللازمة حتى تبقى درجة حرارته مستقرة في القيمة الطبيعية، لكن في الحالة التي تصبح فيها درجة حرارة الوسط أعلى من درجة حرارة الجسم، فإن الجسم يحاول تبريد سطحه الخارجي لكي يمنع تدفق الحرارة إلى داخله، وبالتالي يمنع إرتفاع درجة حرارته فوق القيمة الاعتيادية.

  • موصلية الحرارة

من المعلوم أن الماء موصل رديء للحرارة، إلا أنه موصل جيد مقارنة مع الهواء، عندما يكون الجسم في الهواء يكون مقدار تدفق الطاقة الحرارية من الجسم إلى الهواء الخارجي ضعيف مقارنة مع مقدار تدفقها داخل الماء، وهنا نقصد بتدفق الحرارة خارجاً بمعنى فقدانها من طرف الجسم، وهذا هو السبب الذي يجعلنا نشعر بالبرودة الشديدة لحظة القفز في الماء، لكن سرعان ما يدرك الجسم التغير المفاجئ في الوسط، حيث يصبح معدل فقدان الحرارة كبير مقارنة مع الهواء، ومنه فإن إستمرار فقدان الحرارة بهذا الشكل سوف يتسبب في نزول درجة حرارة الجسم، مما يستوجب تدخل النظام البيولوجي لتعويض الحرارة الضائعة.

فقدان الطاقة الحرارية معناه نزول درجة حرارة الجسم، والتي حسب ما نعلم أنها يجب أن تظل مستقرة على القيمة التالية 37 درجة مئوية، لحظة القفز في الماء يشتغل النظام البيولوجي تلقائيا، حيث يصبح مقدار الطاقة المفقودة داخل الماء يعادل بالضبط مقدار الطاقة التي يزود بها النظام البيولوجي الجسم، وهذا هو السبب الذي يجعلنا نشعر بعد لحظات من القفز في المسبح وكأن الماء أصبح دافئ.

هذه الظاهرة لا تحدث فقط مع الماء والمسبح وإنما هي ظاهرة طبيعية متعلقة بالمستشعرات الحسية لتدفق الحرارة سواء خارج الجسم أو داخله، ونستحضر هنا مثالاً آخر على ذلك، نأخذ قطعتين معدنيتين واحدة من الحديد والأخرى من الخشب، ثم نقيس درجة حرارتهما بالمحرار فيشير هذا الأخير إلى أن لهما نفس درجة الحرارة، لكن عند لمس واحدة باليد اليمنى والأخرى باليد اليسرى نشعر وكأن قطعة الحديد أبرد من قطعة الخشب، ولكن في الحقيقة هذا ليس صحيحا، وإنما هو مجرد وهم ينتج عن خداع حاسة اللمس، فالوهم الذي نشعر به يعود في حقيقة الأمر إلى أن موصلية الحديد للحرارة أكبر من موصلية الخشب لها، الشيء الذي يجعل تدفق الحرارة من طرف جسمنا عبر القطعة المعدنية أكبر من تدفقها عبر قطعة الخشب.

  • لماذا نأكل أكثر في فصل الشتاء حينما يكون الجو بارداً ؟

الحرارة التي يُزود بها النظام البيولوجي الجسم يحصل عليها عبر التفاعلات الكيميائية التي تحدث داخل الجسم إنطلاقاً من المواد التي نأكلها يومياً، ولهذا عندما نكون في البحر تكون الحاجة إلى الأكل ضرورية، من جهة لأن الجسم يفقد الكثير من الطاقة الحرارية داخل الماء، وحتى داخل الهواء لأن نزع الملابس في الهواء يزيد من تدفق الحرارة أكثر إلى الهواء، ومن جهة أخرى لأننا نتحرك كثيراً عندما نكون في البحر بسبب اللعب والسباحة. وكما هو معلوم لدى الجميع أنه في وقت البرد والشتاء تصبح حاجتنا للأكل كبيرة، وخاصة للمواد التي تحتوي على سعرات حرارية مرتفعة لأن الجسم يفقد الكثير من الطاقة الحرارية في الأيام الباردة.

  • إضافة

في الأوقات التي تكون درجة حرارة الوسط الخارجي منخفضة كثيراً، نحتاج الى إرتداء ملابس كثيرة وذات موصلية رديئة للحرارة، وبهذه الطريقة يمكننا أن نقلل من تدفق الطاقة الحرارية من جسمنا نحو الخارج، ونفس الشيء نفعله في الليل عندما نغطي أجسادنا ببطانيات كثيرة حتى نعزل أجسادنا حرارياً عن الوسط الخارجي وبهذه الطريقة يستطيع الجسم الحفاظ على حرارته. دور الملابس إذن هو التقليل من ضياع الطاقة الحرارية، ولهذا يجب أن نحرص في الأوقات التي يكون الجو بارداً على أن نُغطي كل مناطق الجسم التي يمكن أن تسمح بتدفق الحرارة الى الخارج، كاليدين والرأس والرجلين.

  • مصطلحات

Energie thermique : الطاقة الحرارية
Chaleur : الحرارة
Température : درجة الحرارة
Piscine : مسبح
Principe zéro : المبدأ صفر
Système biologique : النظام البيولوجي
Flux thermique : التدفق الحراري
Capteur : مُستشعر
Conductivité : موصلية

إعداد : شعيب المستعين

تدقيق لغوي : نادية بوحفص وخولة سطيلي .

مراجعة علمية : حسام بنكروم، رشيد هروس .


اقرأ أيضا :

choaib el moustaine

Read Previous

لماذا تُستعمَل الفئران في التجارب و المختبرات ؟

Read Next

لماذا يرفض العلم التجريبي إقحام الإله في النظرية العلمية ؟

One Comment

  • شكرا ❤

Leave a Reply to Mohamed Ait Oufkir Cancel reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!